هل نحن من ذرية نوح؟
فهم كثير من أهل العلم من قوله تعالى (وجعلنا ذريته هم الباقين) أن كل من على الأرض الآن هم من ذرية نوح فقط وان نوح عليه السلام هو أبو البشر الثاني.
ولكن حقيقة لا أستطيع قبول هذا الكلام بسهولة !!!!
لماذا؟
١. لا يوجد دليل صريح يجعل طوفان نوح عام لكل الأرض وبسببه تم هلاك كل أهل الأرض، فنوح لم يكن رسول لكل أهل الأرض بل لقومه فقط والله لا يعاقب أحد بذنب الآخر، فلا يمكن أن نقول أنه أهلك قوما لم يكن نوح رسولا فيهم.
٢. ركب في السفينة أناس آمنوا بنوح لا نعلم عددهم، وافتراض أن الذرية كلها من نوح فقط يقتضي القول بوفاة كل من ركب السفينة معه فلم يعد لهم ذرية من بعدهم، وهذا ما لا دليل عليه مطلقا برغم أن كثير من التفاسير تذكره ولكن بلا دليل. بل إن الله قال صراحة لنوح بعد أن غيض الماء ورست السفينة على الجودي (يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم)، فنصت الآية صراحة على أمم نجت مع نوح فليس وحده من نجا وصارت له ذرية والله تعالى أعلى وأعلم.
٣. كون الله قصر ذكر الذرية على نوح في قوله تعالى (وجعلنا ذريته هم الباقين) ففي ذلك قصد لتكريم نوح وذريته لا ذرية الهالكين وقصر الكلام عليه من وجهة نظري دون ذكر المؤمنين الذين ركبوا معه في الفلك لبيان مقام انتصار النبوة على الكفر وقطع دابر الكافرين والله أعلم.
سيقول البعض أن أهل التفاسير قالوا بأن من كان مع نوح من المؤمنين قد مات بعد خروجهم من السفينة، فأقول وبالله التوفيق هذا قول مردود كما قلت سابقا لكونه مفتقر للدليل وكل من نقله من أهل التفاسير لم يأت عليه بدليل سوى استعمال صيغة التمريض (قيل) ولذلك أبدع القرطبي حين نقل كلاما ينقض هذا التفسير الذي قصر الذرية على نوح وبالدليل فقال:
وقال قوم : كان لغير ولد نوح أيضا نسل ، بدليل قوله : ذرية من حملنا مع نوح وقوله : قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم فعلى هذا معنى الآية : وجعلنا ذريته هم الباقين دون ذرية من كفر أنا أغرقنا أولئك .
هذا ما أدين لله به من ان طوفان نوح كان خاص في قومه وأن الذرية ليست في نوح فقط ولكن في المؤمنين الذين نجوا معه وفي أقوام كانت في زمنه ولم يهلكها الله بالطوفان والله تعالى أعلى و اعلم
تعليقات
إرسال تعليق